Secular Way
فلسفة

أنواع المعتقدات والأفكار اللادينية والإلحادية

إن شعورنا الأخلاقي وسعينا وراء البحث عن المعنى جزئان أساسيان يشكلان معنى أن تكون إنساناً، ويجعلان من السهل نقل مجموعة من قيمنا إلى الآخرين، وحتى لأنفسنا. على الرغم من أن الأديان تعطي للناس هوية، يمكن أن يكون الجانب السلبي للأديان هو تأجيج العنصرية والقبلية، ويمكن أن يكون الجانب الإيجابي للأديان هو أنها تقدم طريقة لتحديد هويتنا.

وبالنسبة لأولئك الذين تركوا دينهم أو لم يعتنقوا أي دين من قبل، فإن البحث عن هويتهم أمراً ضرورياً وصحياً، ووسيلة للإعلان عن مقاومة نموذج من الممكن أن يكون مهيمن وقمعي. ومع ذلك، يمكن أن يكون العثور على المجموعة الصحيحة لهذه التعريفات أمراً صعباً. ولكي تتناسب وتتطابق هذه التعريفات يجب أن يكون لها صدى شخصياً وتُعبر عن ما تريد قوله للعالم. إن الكلمات تعطي تعريفات ودلالات وتاريخ، وتؤثر على طريقة استجابة الناس لتعبيرك عن نفسك. يمكن أن يطرح ذلك الكثير من الأسئلة، ما هي المشاعر التي تشعر بها؟ ماذا تعرف عن أسلافك الفكريين والروحيين؟ وماذا تعرف عن مجتمعك؟ قد تبدو هذه الاختلافات طفيفة ولكنها مهمة للغاية.

يُشير معظم العلماء إلى نوعين من الملحدين، وبعضهم يستخدم بعض المخططات الدقيقة للتمييز بينهما، على الرغم من أنه غالباً ما يتم إعطاء كلا النوعين نفس الأسماء تقريباً. الأكثر شهرة من بين هذه الفروق هي التي وضعها الباحث جورج سميث George H. Smith في عام 1979:

  1. الملحد الضمني Implicit Atheist: هو الشخص الذي لا يدرك بعد عن ماهية الله أو الإيمان أو الدين، بإعتبار أن كل الناس يولدون ملحدين ضمنيين بطبيعة الحال.
  2. الملحد الصريح Explicit Atheist: هو الملحد الذي يدرك ماهية الله، بحسب التعريف المتفق عليه، ولا يؤمن بوجود مثل هذه الكائنات.

أنواع الإلحاد أو اللادينية بحسب المعتقد أو وجهات النظر الشخصية

1- الملحد الصِرف Atheist: يمكن تعريف مصطلح الملحد من الناحية العلمية، بأنه الشخص الذي يعتقد بشكل مؤكد بعدم وجود آلهة أو أديان، وأحياناً يوصف الإلحاد بأنه شكلاً من أشكال الاعتراض.

2- الملحد المناهض Anti-theist: هو الملحد الذي يبدي العداء تجاه الدين، والذي يعارض المشروع الديني بأكمله، بمبدء (الاعتقاد بأن الدين ضار). تنطوي هذه المناهضة على شكل من أشكال الأنشطة وردود الفعل التي تتجاوز مجرد الدعوة إلى الفصل بين الدين والدولة أو المناداة بالعلوم كبديل. يرفض الملحدون المناهضون تماماً شرعية الإيمان كسلطة أخلاقية أو وسيلة للمعرفة، وغالباً ما يدعون للكشف عن المخاطر التي تحدث بسبب الدين مثل الرجم، واضطهاد المثليين، والختان، وتحريم ممارسة الجنس بدون زواج. وفي كتاب الملحدين الجدد، للكاتب كريستوفر هيتشنز Christopher Hitchens، وريتشارد دوكينز Richard Dawkins، يتم الإشارة إلى هذا النوع من الملحدين باسم “ملحدين مناهضين Anti-theist”.

3- اللاأدري Agnostic: اللاأدرية مصطلح يشير إلى أشخاص ليس لديهم موقف واضح من الأديان، ويرى البعض أن اللاأدري هو مُجرد شخص ملحد، ولكن لا يريد الصدام مع أسرته أو أصدقاءه. لا يُعبر اللاأدري عن نفسه بالمواجهة أو التحدي الذي يظهره الملحد المناهض، وبالتالي يمكن أن يتم استخدام تعريف اللاأدرية كجسر ما بين موقفين. في الواقع، يمثل مفهوم اللاأدرية مجموعة من المواقف الفكرية التي لها جوهر مهم، ويمكن أن تكون اللأدرية فكر مستقل بذاته عن الإلحاد. ينظر اللاأدريون إلى مسألة وجود الله على أنها نظرية غامضة لا يمكن التأكيد عليها.

“اللاأدرية ليست عقيدة بل طريقة يكمن جوهرها في التطبيق القوي لمبدأ واحد بشكل إيجابي، يمكن التعبير عن هذا المبدأ على أنه في قضايا الفكر، لا ينبغي أن تتظاهر بأن الاستنتاجات مؤكدة أو لا يمكن إثباتها”.

الفيلسوف توماس هكسلي Thomas Huxley

هذه التعريفات لللاأدرية، رغم اختلافها تركز جميعها على ما يمكننا فعله أو يمكن أن نعرفه بدلاً من التركيز على مسألة وجود إله. هذا يعني أنه من الممكن أن تكون ملحداً وغير ملحداً في نفس الوقت. الكاتب فيليب بولمان Phillip Pullman وصف نفسه بأنه كلاهما، حيث يقول:

“إن مسألة ما هو المصطلح الذي يجب استخدامه مسألة معقدة، بعبارات صارمة، أفترض أنني لاأدري لأن دائرة الأشياء التي أعرفها بالطبع أصغر بكثير من الأشياء التي لا أعرفها في الظلام (يشير إلى محدودية الإدراك البشري). في مكان ما ربما يوجد إله. لكن من بين كل الأشياء التي أعرفها في هذا العالم، لا أرى أي دليل على وجود إله على الإطلاق، وكل شخص يدعي أنه يوجد إله يبدو أنه يستخدم هذا الادعاء ذريعة لممارسة السلطة على الآخرين، كما نعرف تاريخياً عند النظر في تاريخ أوروبا الذي كان ينطوي على الاضطهاد والمذابح، وهذا احتمال مروع”.

فيليب بولمان Phillip Pullman

4. المتشكك Skeptic: تم استخدام مصطلح المتشكك تقليدياً ومن الناحية الدينية، لوصف الشخص الذي يشك فيما تلقاه من عقائد دينية. في حين يركز اللاأدري على المسائل التي تتعلق بالإله بشكل خاص، فإن مصطلح “المتشكك” يعبر عن مقاربة أوسع. شخص قد وضع التفكير النقدي في قلب الأمر. يكرس المتشككون الشهيرون، مثل “مايكل شيرمر Michael Shermer”، أو “جيمس راندي James Randi” غالبية جهودهم لفضح العلم الزائف، مثل الطب البديل، والتنجيم، وما إلى ذلك، حيث يتحدون الميل البشري إلى تصديق الأشياء بناءً على أدلة غير كافية.

5. المفكر الحر Freethinker: المفكر الحر هو مصطلح يعود إلى نهاية القرن السابع عشر، استخدم لأول مرة في إنجلترا لوصف أولئك الذين عارضو الكنيسة والإيمان الحرفي بالكتاب المقدس. هو موقف فكري يقول أن الأراء يجب أن تستند إلى المنطق والأدلة بدلاً من السلطات والتقاليد. أُطلق على فلاسفة معروفين، من بينهم “جون لوك” و “فولتير”، اسم Freethinkers آنذاك. حظي المصطلح بشعبية مؤخراً نظراً لاتخاذه ميل إيجابي على عكس مصطلح الإلحاد، الذي يعرف بمناهضة الدين. الفكر الحر Freethought يعتبر عملية استباقية لتقرير ما هو حقيقي ومهم.

6. الإنساني Humanist: بينما تركز مصطلحات مثل الملحد والمناهض للإيمان على فكرة عدم الإيمان بالأديان، فإن المفكرين جميعاً يركزون على طرق المعرفة والمراكز الإنسانية ضمن مجموعة من القيم الأخلاقية. تسعى الإنسانية إلى تعزيز الرفاهية الواسعة من خلال تعزيز قيم مثل التعاطف والمساواة وتقرير المصير والقيم الأخرى التي تسمح للأفراد بالازدهار والعيش في المجتمع جنباً إلى جنب. هنا لا تستمد هذه القيم من الوحي، بل من التجربة الإنسانية. كما يتضح من بيانين تم نشرهما في عامي 1933 و 1973، فإن رواد الفكر الإنساني لا يعترضون على مفاهيم مثل الفرح والسلام الداخلي الذي يشير إلى دلالات روحية. في الواقع، يعتقد البعض أنه ينبغي إصلاح الدين نفسه من قبل أولئك الذين تجاوزوا أمور ما وراء الطبيعة، ولكنهم يعترفون بفوائد المجتمع الروحي والطقوس الدينية.

7. وحدة الوجود Pantheist: كما يسعى الإنسانيون إلى استعادة الجوانب الأخلاقية والقيم المجتمعية، يركز المؤمنون بوحدة الوجود على المستوى الروحي للإيمان وتجربة التواضع والعجب والسمو. إنهم ينظرون إلى البشر على أنهم جزء صغير من نظام طبيعي شاسع، وأن الكون مدركاً لنا. يرفض الـ Pantheists فكرة وجود إله كشخص، لكنهم يعتقدون أن الإله يتجلى في كل ما هو موجود. وبالتالي، غالباً ما يكون لديهم التزام قوي بحماية شبكة الحياة المقدسة التي ينبثق منها وجودنا. تعكس كتابات “كارل ساغان Carl Sagan” هذه المشاعر، وغالباً ما يتم اقتباسها من قبل ال Pantheists، وقد طرحت هذه الأفكار في سلسلة فيديو (Symphony of Science) التي تمزج بين صور الطبيعة والموسيقى والعلوم.

8- الربوبية Deism: الربوبية هي موقف فكري لاديني وفلسفة تشمل مجموعة من المعتقدات الدينية تتعلق بالإله والعالم الطبيعي. يؤمن الربوبيون بوجود إله خالق يمكن التوصل إليه باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي دون الحاجة إلى الأديان والظواهر الخارقة كالمعجزات، ويميلون إلى رفض فكرة التدخل الإلهي في الشؤون الإنسانية والقوانين الطبيعية، فتختلف في إيمانها بالله عن المسيحية واليهودية والإسلام وغيرها من الديانات التي تستند على فكرة الأنبياء والمعجزات والوحي. يعتقد الربوبيون في وجود خالق للكون والإنسان، بعكس المعتقدات اللادينية الأخرى مثل الإلحاد واللاأدرية، ويؤكدون على أن الله (الإله، الآلهة، الخالق) لديه خطة لهذا الكون، وهذه الخطة لا تتغير بتدخل الله في شؤون الحياة البشرية أو بتعليق القوانين الطبيعية للكون. تأتي كلمة الربوبية Deism اشتقاقاً من الكلمة اللاتينية (رب Deus)، ويمكن أن يشير مفهوم الربوبية إلى مجموعة من المعتقدات الشخصية التي تفسر الكون والطبيعة من وجهة نظر روحانية.

كان العديد من الأباء المؤسسين الأمريكيين من المؤمنين الذين لم يؤمنو بالمعجزات أو الوحي الخاص من خلال النصوص المقدسة، لكنهم اعتقدو أن العالم الطبيعي كشف عن مصمم يمكن اكتشافه من خلال العقل والتفكر. في حين يفترض علماء الطبيعة موقفاً فلسفياً يرى أن القوانين التي تعمل داخل المجال الطبيعي هي القوانين الوحيدة التي تحكم الكون، وليست خوارق الطبيعة. فيما يرى العلمانيون أن الحكم على المعايير والمبادئ الأخلاقية يجب أن يستند بشكل قياسي على ما إذا كانت جيده أو ضاره.

في الفترة الأخيرة، لوحظ ارتفاع حاد في نسبة الأشخاص الذين لا يؤمنون بوجود إله، وعلى الرغم من الجهود المبذولة، مثل مشروع المجتمع الإنساني، أو مؤسسة ما بعد الاعتقاد، فإن المجتمعات المستقرة المنظمة حول القيم العلمانية المشتركة والممارسات الروحية لم تظهر بعد، وهذا يعني أن هذه الجهود فردية إلى حد كبير وتجريبية في بعض الأحيان، فقد نقوم بتجربة واحدة والتعايش معها لفترة من الوقت، ثم نقوم بتجربة شيء آخر.

شاهد أيضاً:

اللاأدرية، الأفكار والمعتقدات والتاريخ.
الربوبية، الأفكار والمعتقدات والتاريخ.
مقياس دوكينز Dawkins، مقياس تقييم المعتقد.

شاهد أيضاً

الفرق بين فلسفة أفلاطون وأرسطو

moabusharaf

الفلسفة الشكوكية

moabusharaf

الفلسفة العبثية

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية