Secular Way
فلسفة

الفلسفة العبثية

يُشير مصطلح العبثية Absurdism، إلى الصراع الأزلي بين الميل البشري إلى البحث عن قيمة ومعنى متأصل للحياة، وعجز الإنسان عن التوصل لشئ في عالم فوضوي وغير عقلاني بلا هدف أو معنى. في تصور العبثيين لا يرجع مفهوم العبث إلى الكون والعقل البشري، بل ينشأ العبث من الطبيعة المتناقضة للاثنين في نفس الوقت. علاوة على ذلك، تستكشف العبثية من خلال مبادئها الفلسفية الطبيعة الأساسية لمفهوم العبث، وكيف يمكن للأفراد بمجرد أن يدركوا حقيقة العبث أن يتجاوبوا مع هذه الحقيقة. وقد جاء مصطلح Absurdism من كلمة Absurd، التي تعني (سخيف، أو لا يستحق الاهتمام).

يقول الكاتب والفيلسوف العبثي ألبير كامو Albert Camus، أن العبثية أكثر من مرحلة في الحياة، حيث تمر بمراحل مختلفة في محاولة العثور على معنى، ثم إدراك أخيراً أنه لا يوجد شيء (المرحلة الأخيرة)، وأن محاولة فهم وإدراك الحياة إهدار للوقت، وأنه يجب الاستسلام والتوقف عن البحث عن القيم والإيمان بها. وأن على الإنسان أن يتبنى الحالة العبثية للوجود البشري.

“ولدت هذه العبثية من هذه المواجهة بين الحاجة الإنسانية، والصمت غير المعقول في العالم.”

ألبير كامو Albert Camus

منشأ وتاريخ الفلسفة العبثية

ظهرت أول جذور العبثية في القرن التاسع عشر على يد الفيلسوف الدنماركي سورين كيركغورد. وترتبط الفلسفة العبثية بالفلسفة الوجودية والفلسفة العدمية، وتشترك مع الفلسفتين في بعض المفاهيم والنموذج النظري العام، انبثقت العبثية كمذهب فكري عن الحركة الوجودية الأوروبية، عندما قام الفيلسوف والكاتب ألبير كامو بالانشقاق عن الوجودية ورفض جوانب معينة من هذا الخط الفلسفي، ونشر كتابه أسطورة سيزيف The myth of Sisyphus. وقد هيأت ظروف الحرب العالمية الثانية المناخ الاجتماعي المناسب لانتشار الفلسفة العبثية وتطور مبادئها وأفكارها، خاصة في فرنسا التي تعرضت لدمار كبير آنذاك، ومنها انتشرت إلى مناطق كثيرة من العالم. ومن رواد الفلسفة العبثية، صامويل بيكيت (1906 -1989)، ويوجين يونسكو (1909-1994).

أسطورة سيزيف، رمز عبثية الوجود
أسطورة سيزيف، رمز عبثية الوجود

مبادئ وأفكار الفلسفة العبثية

  1. قبول عدم وجود معنى للحياة، والعيش على الرغم ذلك.
  2. قد يكون خداع النفس طريقة للتعامل مع عبثية الوجود.
  3. قد يكون الانتحار رد فعل منطقي (الانتحار الفلسفي) بسبب افتقاد الحياة للمعنى والهدف، وبالتالي فهي حياة مملة أو مؤلمة، ولكنه رد فعل غير نافع.
  4. لا يرجع مفهوم العبث إلى الكون والعقل البشري، بل ينشأ العبث من الطبيعة المتناقضة للاثنين في نفس الوقت.

الفلسفة العبثية والدين

لا تؤكد العبثية على وجود إله من عدمه، ولكن تعتقد أن بحث الإنسان منذ الأزل عن معنى للحياة ينتهي بالوصول إلى نتيجتين: إما أن الحياة دون معنى، أو أن الحياة تخضع لهدف قوة عليا، وعند التوصل إلى النتيجة الثانية، يؤمن الناس بالدين أو الاعتقاد في مفهوم مجرد، وفي هذه الحالة يطرح هذا السؤال نفسه، ما هو الهدف من الإيمان بالله؟ وفي هذا الشأن يعتقد سورين بأن هذا الهدف المفترض لا يمكن فهمه من الإنسان، أي أن الإيمان بالله شيء عبثي.

“إن الاعتقاد بأي شيء يتجاوز العبث يتطلب قبولاً دينياً غير عقلاني، أو قبولاً ضرورياً لشئ غير محسوس وغير قابل للتجريب (يشار إليه باسم قفزة الإيمان Leap of faith)”.

سورين كيركغورد Soren Kierkegaard

كما يقول ألبير كامو في هذا الشأن:

“إن الإيمان بالله هو رفض أحد شروط التناقض الموجود بين البشر والكون.

ألبير كامو Albert Camus

شاهد أيضاً:

الفلسفة العدمية.
الفرق بين الفلسفة العدمية والعبثية والوجودية.

شاهد أيضاً

الفرق بين الفلسفة العدمية والعبثية والوجودية

moabusharaf

الفلسفة الجنسية

moabusharaf

الفلسفة الفيزيائية

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية