Secular Way
فلسفة

اللاأدرية، الأفكار والمعتقدات والتاريخ

اللاأدرية هي موقف فكري لاديني يعتقد أنه لا يمكن إثبات وجود إله من عدمه من خلال الأدلة الحسية، وأنه لا يمكن للبشر أن يؤمنوا بوجود أي شيء يتجاوز ظواهر التجارب. أصبح مصطلح اللاأدرية سياقاً للتشكيك في المسائل الدينية عموماً، وبصفة خاصة، يرفض اللاأدريون المعتقدات الدينية التقليدية في إطار الفكر العلمي الحديث. تندرج اللاأدرية تحت مفاهيم ومسائل النظرية المعرفية الإنسانية، والتي يتم استخلاص نتائجها من خلال التجربة الحسية العادية. تختلف اللاأدرية بشكل واضح عن مفاهيم الإلحاد الصرف، إلا أن كلا الموقفين يعبران عن أفكار خارجة عن الإطار التقليدي للدين، في حين أن الملحد الصرف يؤكد تماماً على عدم وجود إله.

تاريخ اللاأدرية

تم وضع مصطلح اللاأدرية Agnosticism لأول مرة رسمياً في عام 1869 خلال اجتماع الجمعية الميتافيزيقية في لندن، بواسطة المفكر “توماس هكسلي Thomas Huxley”، عالم الأحياء البريطاني. صاغ هكسلي هذا المصطلح كإشارة إلى قناعته الخاصة وموقفه الشخصي من الأديان، وتم استلهام المصطلح من الكلمة اليونانية (agnostos) والتي تعني (مجهول). لاحقاً، تم استخدام مصطلح اللاأدرية على نطاق واسع، على سبيل المثال، في مقال (أخلاقيات الإيمان) لعالم الرياضيات والفيلسوف البريطاني “W.K. Clifford” في عام 1876، يقول: “من الخطأ دائماً، وفي كل مكان ولكل شخص، أن يصدق أي شيء بناءً على عدم كفاية الأدلة”.

من خلال تطبيق هكسلي على الادعاءات المسيحية الأساسية، نتج عن هذا الموقف استنتاجات شكوكية، على سبيل المثال، الجدل في تلفيق النصوص الكتابية القديمة المستبعدة من كتب التوراة الكنسية، فقد يشك المرء في أن هناك تمييزاً حرجاً من شأنه أن يؤدي إلى توسيع نطاق الكتابات المشكوك في صحتها. تعرض هكسلي وزملاؤه لهجوم من الجدليين المسيحيين وفريدريك إنجلز، بوصفهم “ملحدين يواجهون العار”. بينما قام السير “ليزلي ستيفن Leslie Stephen”، الناقد الأدبي ومؤرخ الفكر في القرن التاسع عشر، في مقال (1893) Agnostic’s Apology، ومقالات أخرى، بتوبيخ أولئك الذين قامو بتحديد “طبيعة الله بدقة، وبنفس أساليب علماء الطبيعة المتواضعين، في وصف نشأة الخنفساء السوداء!”.

من جهة أخرى، قام الزعيم السوفيتي “فلاديمير لينين”، في نظريته المادية والنقد الإمبيري (1908)، بالتفرقة بين المادية الحقيقية من جهة، والمثالية الجريئة لجورج بيركلي، في القرن الثامن عشر. في محاولة للتوفيق بين لاأدرية الشكوكي الاسكتلندي ديفيد هيوم، والفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط، في جدلية اللاأدرية التي تمحورت في ادعاءاتهم حول طبيعة عدم المعرفة، أو حتى وجود الأشياء في حد ذاتها (الحقائق وراء المظاهر).

“اللاأدرية ليست عقيدة بل طريقة، يكمن جوهرها في التطبيق الصارم لمبدأ واحد بشكل إيجابي، يمكن التعبير عن هذا المبدأ على أنه في مسائل الفكر، لا تتظاهر بأن الاستنتاجات مؤكدة، أو لا يمكن إثباتها، أي اتباع العقل بقدر ما يمكن أن يقودك للتعرف بصراحة وصدق على حدود علمك”.

توماس هكسلي Thomas Huxley

أنواع اللاأدرية

وفقاً للفيلسوف “ويليام ليونارد روي”، تم تصنيف اللاأدريين مؤخراً إلى فئات مختلفة تشتمل على:

  1. لاأدري ملحد: لا يؤمن بوجود إله، ولكنه لا يدعي معرفته أو عدم معرفته.
  2. لاأدري مؤمن: لا يدعي معرفة إله، ولكن في نفس الوقت يؤمن به.
  3. لاأدري غير مكترث (براجماتي): يعتقد أنه لا يوجد دليل على وجود إله من عدمه، وأنه من الممكن لأي إله أن يتصرف بلا مبالاة تجاه الكون أو ربما يسعى لرفاهية مخلوقاته، وبالتالي، يكاد يكون وجوده منعدماً في القضايا الإنسانية التي يعاني منها الإنسان وحده.
  4. لاأدري قوي أو منغلق أو دائم: يعتقد بأن المسائل المتعلقة بوجود أو عدم وجود إله، والطبيعة النهائية للواقع، هي أمور مجهولة، نتيجة إلى عدم قدرتنا الفطرية على التحقق من تجربة ما.
  5. لاأدري ضعيف أو تجريبي أو منفتح أو مؤقت: يعتقد بأن وجود الإله من عدمه هي مسألة خارج حدود المعرفة على أرض الواقع، ولكنها ليست بالضرورة مجهولة. وبالتالي يمكن تعليق الحكم فيها لحين وجود أدلة، فإن وجدت الأدلة أصبح الحكم ممكناً.

اللاأدرية الدينية

قد يكون هذا التعبير متناقضاً، ولكن من الممكن وضع مقاربة لمفهوم اللاأدرية الدينية، والتي تشير إلى القبول المقترن والمشروط بالاقتناع بأنه يمكن على الأقل وضع حد أدنى من المعتقدات الدينية الإيجابية على أسس كافية، أو اعتباره موقف ديني لا يأخذ المسائل الفقهية المثيرة للجدل على محمل الجد. وفي هذا الشأن، يوضح هكسلي في مقال في عام 1889 بعنوان (اللاأدرية والمسيحية): “أن مفهوم تعارض (اللاهوت العلمي) مع (الكنسية)، أو مفهوم (رجال الدين)، والذين ادعو أنهم توصلوا إلى استنتاجات جوهرية مختلفة، ويؤكدون أنه من الخطأ أخلاقياً عدم تصديق بعض المقترحات، وإن كانت مدعمة بنتائج البحث العلمي الصارم حول أدلة هذه المقترحات”.

شاهد أيضاً:

الربوبية، الأفكار والمعتقدات والتاريخ.
أنواع المعتقدات والأفكار اللادينية والإلحادية.
مقياس دوكينز Dawkins، مقياس تقييم المعتقد.

شاهد أيضاً

السيرة الذاتية لهيباتيا السكندرية

moabusharaf

الفلسفة الفيزيائية

moabusharaf

الفلسفة المادية

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية