Secular Way
سياسة واقتصاد

غسيل الدماغ وزراعة الأفكار في السياسة والدين

يعرف غسيل الدماغ بأنه عملية يتم بها تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وقناعاته الشخصية، إلى مسارات أخرى تفرض عليه باستخدام أساليب للتحكم بالعقل والإقناع القسري لتحقيق أهداف معينة. استخدم عالم النفس الهولندي “جوست ميرلو” مصطلح (قتل العقل) في وصفه لعملية غسيل الدماغ، مشيراً إلى أن العملية تنطوي على خضوع لا إرادي وتجعل الناس تحت سيطرة نظام شمولي لا تفكيري.

غسيل الدماغ وزراعة الأفكار في السياسة

يقول ضابط الاستخبارات الروسي “يوري بيزمينوف” أن عملية غسيل الدماغ لشعب ما، تمر بمراحل عديدة تستغرق عشرات السنين، يتم خلالها هدم وإعادة بناء القيم والمفاهيم لهذا الشعب باستهداف جيل واحد فقط، بهدف خلق جيل مؤمن بأفكار ومبادئ ومفاهيم تتعلق بإيديولوجيات معينة. وفي مقال للصحفي الأمريكي “إدوارد هنتر” في صحيفة أخبار ميامي في عام 1950، ذكر أن الجنود الأمريكيين الأسرى لدى الصين في الحرب الكورية قد تعرضوا لعملية غسيل دماغ في الأسر باستخدام أساليب العزل والتعذيب والإقناع القسري، ما أدى إلى تعاون بعض الأسرى مع الصينيين، وانضم بعضهم إلى الجانب الصيني. كما ادعى الإذاعي البريطاني “روبرت دبليو فورد” والعقيد بالجيش البريطاني “جيمس كارن” أن الصينيين أخضعوهم لتقنيات غسيل دماغ أثناء سجنهم. وقد عبر إدوارد هنتر عن العملية بأنها أساليب سياسية شيوعية مخططة لإقناع غير الشيوعيين بالإيمان والتسليم بمبادئ وتعاليم الشيوعية، والتي تستهدف بالأساس الأفراد الذين لم ينشئوا في المجتمع الشيوعي حيث يتم إعادة تشكيلهم في المجتمع الشيوعي. وفي عصر الاتحاد السوفيتي، تم تحويل الكنائس والمساجد إلى متاحف لمنع الممارسات الدينية وحظر تداول الكتب المقدسة في إطار رفض دور الأديان في المجتمع والذي يعد أحد المبادئ الشيوعية.

غسيل الدماغ وزراعة الأفكار في الدين

توضح القصة الشهيرة عن حركة الحشاشين الشيعية وسائل غسيل الدماغ الديني، حيث يحكي أحد أفراد الحركة الذي خضع لعملية التجنيد، أنه كان كادحاً من الطبقة الفقيرة، وتم اختطافه من أحد الأسواق الشعبية في إيران، وكان لديه شكاً أنه تم إعطاءه بعض العقاقير المخدرة المستخلصة من الأعشاب، ثم ذهبوا به وسط طبيعة بلاد فارس الخلابة، واستيقظ ليجد نفسه بين نساء جميلات، فكان في حالة ذهول تام، واختلطت عليه الحقيقة بالخيال، ثم أتى إليه رجل فقال له: أنت في الجنة، وهذا القصر هناك ملكاً لك، استمتع هنا الأن وحين تنتهي اذهب إلى قصرك. وبعد قضائه 3 أو 4 أيام توجه إلى القصر فقابله شيخاً مسناً، فقال له: أنت لم تمت بعد، بل أراد الله أن يريك مصيرك، ويجعلك من عباده الصالحين. سوف تعود إلى الأرض الآن كي تخدم الله وتضع فأسك الحاد في رقاب الشر من أجل الخير. ثم أعيد إلى نفس المكان الذي أخذ منه وهناك ترك وحيداً شهرين أو ثلاثة دون أن يرى أي شخص يخبره ما يريد الله منه كي يعود إلى جنته وقصره، ثم أخيراً رأى شيخاً آخر وأخذه إلى أتباعه وتم تجنيده ليكون جندياً فدائياً. كما يعرف أتباع حركة الحشاشون بأنهم كانوا شديدي الولاء والفداء بالنفس من أجل قادتهم، إذ كانوا يقومون بالإنتحار لإثبات ولائهم أو حينما يقعوا في الأسر. وينطبق الأمر كذلك على المجندين في الجماعات الإرهابية، فلا يجدون حرجاً في قتل النساء والأطفال أو تفجير أنفسهم، على اعتقاد أنهم جنود الله، وأن الحياة الدنيا فسق وأن الآخرة أبقى بقصورها وجواريها الحسان.

بشكل عام يمكن القول بأن جميع البشر قد تعرضوا بشكل أو بآخر لعمية غسيل دماغ خلال مرحلة ما من حياتهم، و تعتبر عمليات غسيل الدماغ أولى العمليات التي يتعرض لها الإنسان في حياته، بدءً بتربية الأهل والتعليم وتلقين الأطفال معتقدات الأباء الدينية. مما يخلق مجتمعاً متبلد الفكر لا يبدع ولا يبتكر، وتصبح أفكار وأفعال وقيم الفرد مرهونة بعوامل خارجية ومجرد استجابة مشروطة برضى الغير.

شاهد أيضاً

قضايا ازدراء الأديان في مصر

moabusharaf

الفرق بين الشيوعية والاشتراكية

moabusharaf

الحركة العلمانية Secularism

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية