Secular Way
فلسفة

الربوبية.. الأفكار والمعتقدات والتاريخ

الربوبية Deism هي موقف فكري لاديني وفلسفة تشمل مجموعة من المعتقدات الدينية تتعلق بالإله والعالم الطبيعي. يؤمن الربوبيون بوجود إله خالق يمكن التوصل إليه باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي دون الحاجة إلى الأديان والظواهر الخارقة كالمعجزات، ويميلون إلى رفض فكرة التدخل الإلهي في الشؤون الإنسانية والقوانين الطبيعية، فتختلف في إيمانها بالله عن المسيحية واليهودية والإسلام وغيرها من الديانات التي تستند على فكرة الأنبياء والمعجزات والوحي. يعتقد الربوبيون في وجود خالق للكون والإنسان، بعكس المعتقدات اللادينية الأخرى مثل الإلحاد واللاأدرية، ويؤكدون على أن الله (الإله، الآلهة، الخالق) لديه خطة لهذا الكون، وهذه الخطة لا تتغير بتدخل الله في شؤون الحياة البشرية أو بتعليق القوانين الطبيعية للكون. تأتي كلمة الربوبية Deism اشتقاقاً من الكلمة اللاتينية (رب Deus)، ويمكن أن يشير مفهوم الربوبية إلى مجموعة من المعتقدات الشخصية التي تفسر الكون والطبيعة من وجهة نظر روحانية.

أفكار ومعتقدات الربوبية

  1. لا تؤمن الربوبية بالأديان والأنبياء.
  2. تؤمن الربوبية بوجود إله خالق.
  3. تعتقد الربوبية أن الله لا يتدخل في الشئون البشرية أو سير العالم الطبيعي.
  4. يترك الخالق الكون يعمل وفقاً لقوانين الطبيعة التي تم تكوينها عند الخلق.

يتفق الربوبيون في مبادئ ومعتقدات الربوبية الأساسية، بينما تختلف وجهات نظر الربوبيين حول الروح والحياة الآخرة، فيعتقد البعض أن الثواب والعقاب سيكون بعد الموت، أو سيكون في الحياة الدنيا. ولا يؤكد الربوبيون على طبيعة الروح، حيث يعتقدون أنه لا يمكن الوصول ليقين حول مثل هذه الأشياء عن طريق العقل والمنطق المجرد، وبدون الاعتماد على التجربة والسبب والطبيعة للإيمان بشيء ما.

يعتقد بعض الربوبيين أن الله يتمثل في الطبيعة والكون والإنسان (مصمم رئيسي)، والبعض يعتقد أن الله والكون يتمثلان في عملية مشتركة (محفز رئيسي). ويعتقد البعض أن الله يراقب الإنسان ولكن لا يتدخل في شئونهم (مراقب رئيسي)، بينما يمكن أن يكون الله روحاً محفزة (محرك رئيسي).

أقسام الربوبية

  1. الربوبة الكلية.
  2. الربوبية الروحية.
  3. الربوبية العلمية.
  4. الربوبية المسيحية.
  5. الربوبية الإنسانية.

تاريخ الربوبية

ظهرت الربوبية في القرن السابع عشر، وخاصة خلال الثورة العلمية وفي عصر التنوير (النهضة)، وتحديداً في المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة وأيرلندا. نشأ معظم الربوبيين المؤسسين تنشأة مسيحية ولكنهم تركوا الدين بسبب عدة قضايا دينية ومنطقية مثيرة للجدل. لم تشكل الربوبية أية تجمعات في البداية، ولكن مع مرور الوقت أثرت الربوبية على الجماعات الدينية الأخرى تأثيراً قوياً كالجماعة التوحيدية والجماعة الكونية، ثم انتشرت بشكل واسع في العالم، فكان للربوبية تأثيراً كبيراً على طبيعة الدين في العصر الحديث باعتبارها عقيدة لاهوتية جديدة من نوعها. ومن أشكال الربوبية اليوم، الربوبية الكلاسيكية، والربوبية الحديثة.

يرى المؤرخ بيتر غاي أن الربوبية انتشرت انتشاراً جيداً في بريطانيا، ثم امتدت بشكل كبير إلى فرنسا وألمانيا. وقد كان فولتير من أشهر الربوبيين الفرنسيين وساهم في نشر الفكر الربوبي أثناء إقامته القصيرة في إنجلترا في عام 1726. وقد تبنى الكثير من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية الفكر الربوبي، ومن أبرزهم جيمس ماديسون، وتوماس بين، مؤلف كتاب (عصر المنطق) والذي يعد أحد أهم الأعمال التي ساهمت في التعريف بالفكر الربوبي في الولايات المتحدة وأوروبا، خاطب توماس في كتابه (عصر المنطق) عامة الناس، بعكس المؤلفات الربوبية التي خاطبت النخب بشكل خاص، فاستخدم أسلوباً واضحاً ومألوفاً.

نقد الربوبية

تختلف وجهات نظر الربوبيين حول الجوانب النقدية والبناءة في الربوبية، فمنهم من ينكر الأنبياء والمعجزات، ولكن يعتبر نفسه مسيحياً، ويعتقد أن المسيحية الحقيقية تخلو من العقائد الغامضة وخوارق الطبيعة وعقيدة الثالوث. بينما يرفض بعض الربوبيين الجانب الإلهي في المسيح ولكنهم يعتبرون المسيح معلماً للأخلاق وحكيماً. ومن الربوبيين الذين يتبنون وجهات النظر هذه، توماس جيفرسون Thomas Jefferson الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية والذي كتب إنجيل جيفرسون Jefferson Bible (إنجيل منقح، ومحذوف منه المعجزات والتنبؤات)، والفيلسوف الإنجليزي ماثيو تيندال Matthew Tindal، والذي يرى أن الأخلاق هي الجزء الأساسي في المسيحية لكونها واضحة للعقل الطبيعي. بينما كان المسيحيين يتهمون الربوبيين بالإلحاد في كثير من الأحيان.

“الربوبيون عقلانيون لديهم حنين إلى الدين، رجال سمحوا لروح العصر بأن يفصلهم عن الاعتقاد التقليدي، ولكنهم يعتقدون أن المنحدر الذي ساروا عليه لم يكن زلقاً بما يكفي ليقودهم إلى الإلحاد.”.

بول هازارد Paul Hazard

يرى الناقد والمؤرخ الإنجليزي ليزلي ستيفن Leslie Stephen في كتابه (الفكر الإنجليزي في القرن الثامن عشر) أن هناك نوعان من الملامح يشكلان الفكر الربوبي:

  1. ملامح نقدية: تتمثل الملامح النقدية الربوبية في رفض جميع الأديان والأنبياء والكتب المقدسة والمعجزات.
  2. ملامح بناءة: تتمثل الملامح البناءة الربوبية في عدة نقاط: 1- الإيمان بالله الخالق. 2- خلق الإنسان ومنحه العقل ليستطيع تسيير شؤونه. 3- أن الله يريد من الإنسان أن يتصرف وفقاً لأخلاق حميده.

لم تطغ الجوانب النقدية في الربوبية على الجوانب البناءة بحسب غراهام وارنغ Graham Waring في كتابه (الربوبية والدين الطبيعي)، حيث يرى وارنغ أن الميزة الغريبة في الجدل الربوبي هي قبول جميع الأطراف في إطار قناعة وجود إله.

شاهد أيضاً:

اللاأدرية، الأفكار والمعتقدات والتاريخ.
أنواع المعتقدات والأفكار اللادينية والإلحادية.
مقياس دوكينز Dawkins، مقياس تقييم المعتقد.

شاهد أيضاً

الفلسفة الفيزيائية

moabusharaf

الفرق بين الفلسفة العدمية والعبثية والوجودية

moabusharaf

الفلسفة العبثية

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية