العدمية Nihilism هي فلسفة تعتقد أن الحياة لا معنى أو هدف محدد لها، وترفض المفاهيم الأساسية للحياة والوجود. يميل العدميون إلى موقف الشك الراديكالي والتشاؤم الفلسفي، إذ يعتقدون أن الإنسان والعالم بما فيه عديم القيمة وخال من أي مضمون أو معنى حقيقي. بينما يهدف الالتزام الأدبي في العدمية إلى النضوج الفكري للإنسان وإدراك حقيقة العدم.
منشأ وتاريخ الفلسفة العدمية
يرجع أصل كلمة العدمية Nihilism إلى الكلمة اللاتينية (nihil) وتعني (لا شيء)، وفي بداية القرن التاسع عشر استخدم فريدريك ياكوبي الكلمة لوصف المثالية المتعالية بالمعنى السلبي، وقد شاع استخدام الكلمة بعد أن استخدمها ايفان تورغينيف في روايته (أباء وأبناء) في سنة 1862، إذ استخدم كلمة العدمية لوصف مفهوم العلموية بشكلها الأوليّ، والذي تُعبر عنه شخصية “بازاروف” في الرواية، والذي كان يدعو إلى عقيدة النفي التام. وفي القرن العشرين، شغلت الموضوعات العدمية مثل موضوع الفشل المعرفي والسقوط الأخلاقي والافتقار إلى الهدف الكوني الفلاسفة والمفكرين في ذلك الوقت. ويستخدم مصطلح العدمية أيضاً لشرح المزاج العام لإكتئاب عدم جدوى الوجود.
وينبع المفهوم المعاصر للعدمية إلى حد كبير من (نزعة نيتشه العدمية)، والتي اشتق منها المفهومان الأساسيان: تدمير القيم العليا، ومعارضة إثبات معنى الحياة. والتي أدت إلى وضع مقاربة بين العدمية والوجودية. وقد تكون الأشكال السابقة للعدمية أكثر انتقائية في إنكار هيمنة الفكر الاجتماعي والأخلاقي والسياسي.
مبادئ وأفكار الفلسفة العدمية
- إمكانات الإنسان محدودة، ولإثبات وجوده عليه أن يتصرف في حدود هذه الإمكانات، بحيث لا يتحول إلى إنسان يائس متقاعس أو حالم موهوم.
- البشر يتصارعون برغم إدراكهم أن العدم في انتظارهم، وأن هذا الصراع يفوق طاقتهم البشرية، لذلك يتحول صراعهم إلى عبث لا معنى له.
- الرومانسية المثالية مجرد هروب مؤقت، فسرعان ما يصتدم الإنسان بقسوة الواقع وبالعدم الذي ينتظره، وقد يكون في هذا الاصطدام انهياره أو انحرافه.
- العدمية ليست مجرد إبراز الموت والبؤس والعنف والقبح، ولكن العدمي هو الذي يعبر من خلال ذلك إلى معنى الحياة، حيث يكون العدم هو الوجه الآخر للوجود ولا يمكن الفصل بينهما لأن معنى كل منهما يكمن في الآخر.
- الكون ما هو إلا محاولة من العدم لأن يعي ذاته، فاستخدم الوجود كنقيض للعدم، وأفضل الطرق لمعرفة الشيء هو معرفة نقيضه، وما وعينا إلا جزءًا من الوعي الكلي الشامل الذي يصب في النهاية في العدم محاولاً إدارك ذاته.
- العدمية ليست الإيمان بلا شيء، بل هي التشكك مصحوباً بزيادة الوعي، أو إدراك العدم، وتشتمل على غايات، خير أو شر، وأسباب ومؤثرات، ومباديء مقدسة أو محرمات.
أنواع الفلسفة العدمية
- العدمية الوجودية: تعتقد أن الحياة ليس لها معنى أو قيمة جوهرية. وأن الحياة البشرية بأكملها لا أهمية لها بالنسبة للكون بشكل عام، فإذا انتهت الحياة البشرية، لن يتغير في الوجود شيء.
- العدمية المعرفية: تميل إلى الشك في جميع المعارف البشرية باعتبار أنها غير صحيحة أو لا يمكن التأكد من صحتها.
- العدمية السياسية: تدعو إلى رفض جميع القيم السياسية والاجتماعية والدينية المفروضة، كشرط مسبق لأي تحسن في المستقبل.
- العدمية الأخلاقية: تعتقد في النظرة الفوقية الأخلاقية التي ترى أن الأخلاق لا وجود لها كشيء مقترن بالواقع الموضوعي المجرد من العواطف، لذلك لا يوجد فرق بين الأخلاق الجيدة والأخلاق السيئة إلا من المنظور البشري، على سبيل المثال، فعل القتل قد يكون نسبياً من حيث الخطأ والصواب، باعتبار أن القيم الأخلاقية ثنائية بدائية.
- العدمية الدينية: تعتقد أن الملحد يختار جانب الإلحاد الصريح المنكر للوجود الإلهي تماماً، كمذهب جان بول سارتر. بينما يرى العدمي أن مسألة الوجود الإلهي من عدمه مسألة عديمة القيمة لا تعطي قيمة للإنسان.
- العدمية الميتافيزيقية: تعتقد أن الأشياء غير المجردة غير موجودة.
- العدمية المجردة: تعتقد أن الأشياء المركبة غير موجودة، أو حتى الحياة نفسها غير موجودة (غير حقيقية).
شاهد أيضاً:
الفلسفة العبثية.
الفرق بين الفلسفة العدمية والعبثية والوجودية.