Secular Way
فلسفة

الفلسفة الجنسية

هناك الكثير من الأطروحات الفلسفية حول الأمور الجنسية، حيث يتم التدقيق في المفاهيم الجنسية مثل المتعة والشهوة والغريزة والأخلاق الجنسية، والمسائل الوجدانية مثل الدافع وراء الجنس، والحالات الانطولوجية الوجودية للجنسين، والرابط المفاهيمي بين المتعة والنشاط الجنسي.

تركز الفلسفة التجريدية للجنس على المسائل الوجودية والمعرفية: مكانة الجنس في الطبيعة البشرية، العلاقة بين النشاط الجنسي والعاطفة والإدراك، مفهوم الجنس بالنسبة للإنسان والحيوان والعالم.

بينما تستكشف الفلسفة المعيارية للجنس مسائل الأخلاق الجنسية، مثل في أي ظرف يجوز أخلاقياً الانخراط في نشاط جنسي أو تجربة جنسية؟ ومع من؟ ولماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ تتناول الفلسفة المعيارية للجنس أيضاً القضايا القانونية والاجتماعية والسياسية حول الجنس. هل يجب على المجتمع تنظيم الزواج والأسرة؟ هل يجوز للقانون أن ينظم السلوك الجنسي بحظر البغاء أو الشذوذ الجنسي؟

كما يمتد مفهوم فلسفة الجنس ليشمل مجموعة متنوعة من المواضيع مثل الإجهاض، ومنع الحمل، والاغتصاب، والمواد الإباحية، والتحرش الجنسي. تتحدى فلسفة الجنس ممارساتنا ومعتقداتنا ومفاهيمنا الجنسية، من خلال استكشاف الأنماط المختلفة من النشاطات الجنسية مثل الزنا والبغاء والمثلية الجنسية والجنس الجماعي والبهيمية والاستمناء والسادية وجنس المحارم والجنس العرضي مع الغرباء.

الجنس في الفلسفة والفكر

من وجهة نظر عادية يمكن تعريف الجنس بكونه علاقة حميمية بين شخصين في إطار الزواج الرسمي أو بغير زواج. ومن حيث الدافع، فيرى البعض الجنس وسيلة للمتعة، أو آلية للتكاثر. ومن حيث الأخلاق، فتتباين القيم الجنسية بتباين الثقافات والعادات والتقاليد والدين. بينما ينقسم كبار الفلاسفة والمفكرون انقساماً حاداً حول النشاط الجنسي. فمثل عامة الناس، يشكل الحب والجنس هاجساً للفلاسفة منذ القِدم، وقد يمثل بُعداً روحانياً للبعض، فعلى غرار قصة آدم وحواء، تحكي الأسطورة الإغريقية أن الرجل والمرأة كانا كائناً واحداً قوياً ذا رأسين وثمانية أطراف، دفعه غروره إلى تحدي الآلهة، وأراد أن يحل محل الإله زيوس، فهاجمه الأخير وقسمه إلى نصفين، نصف رجل، والنصف الآخر امرأة، فيصبحا تائهين في الأرض، ليقضي كل منهما حياته باحثاً عن النصف الذي يكمله.

الجنس عند أفلاطون

أحدث أفلاطون إنقساماً حاداً في هذا الشأن، إذ فَرّق بين المادي وغير المادي، والجسد والروح، فرفع من شأن الروح والحالات المرتبطة بها، وحط من شأن الجسد والحالات المرتبطة به. في المقابل، اعترض الكثير من الفلاسفة على نزعة أفلاطون المثالية باعتبارها قيم أخلاقية قامعة للجنسانية، فنشأ مذهب اللذة (الهيدونية)، على يد إريستبوس، تلميذ سقراط، وصولاً إلى الفيلسوف الإنجليزي جيرمي بنثام، في إعتبار أن اللذة بشكل عام والشهوة الجنسية بشكل خاص غاية معيارية قصوى للحياة، فلم يحطوا من شأن الجنس، ورحبوا بأي نشاط جنسي يتوافق مع معيار “تحصيل أكبر قدر من اللذة، بدون إحداث ضرر”.

الجنس عند ديفيد هيوم

يصف الفيلسوف الاسكتلندي ديفيد هيوم الرغبة الجنسية باعتبارها اتحاداً لثلاثة عناصر: الشعور بالجمال، واللذة الحسية/ الجسدية، واللطف/ الحب العذري المنبثق عن مشاعر استلطاف عذرية تجاه الآخر. فعارض هيوم الفصل الأفلاطوني بين الحب الفاحش (الرغبة الجنسية) والحب العذري (الحب متجاوزاً الجسد/الشكل). في تصوره بأن مشاعر الحب تنشأ غالباً من تقدير الجمال الجسدي/ الشكلي بالمقام الأول، وفقاً للمعايير والتفضيلات الشخصية، ومن ثم يمكن أن يتطور ذلك التقدير إلى شعور بالحب والرغبة الجنسية معاً. ويرى هيوم أيضاً أن ذلك التقدير يصبح مبالغاً فيه تحت تأثير الرغبة الجنسية، إذ يرى المُحِب محبوبه أجمل مما هو عليه حقيقةً، فيتجاوز عن عيوبه، بينما قد يتقبلها بعد اكتشافها كدليل على الحب العذري الحقيقي.

الجنس عند إيمانويل كانط

خالف الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، ديفيد هيوم في ارتباط الحب العذري بالجنس، إذ فصل تماماً بين الحب كمشاعر، والرغبة الجنسية كإحساس، فكان الجنس في تصوره موضوع حسي غريزي وجسدي، فلا يمكن أن تربطه علاقة بدوافع الحب، أو أي مشاعر تتجاوز شهوة الجسد. فكان كانط يميل إلى الفصل الأفلاطوني بين الحب والجنس، وكان متحفظاً على الجنسانية والتحرر الجنسي، وعارض الاستخدام الاختزالي للإنسان كأداة للمتعة إرضاءً لرغبة ذاتية “كليمونة جافة تم عصرها”. وقد أنكر كانط الطبيعة التشاركية والتعاونية للجنس إلا في إطار الزواج، وذلك لأنه يصبح ذاتاً تشارك المرء في حياة يمثل الجنس جزءاً منها.

شاهد أيضاً

الفلسفة العدمية

moabusharaf

الفرق بين فلسفة أفلاطون وأرسطو

moabusharaf

الفلسفة العبثية

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية