Secular Way
تاريخ

المُخطط الزمني للمسيحية في العصور الوسطى

العصور الوسطى Middle Ages أو القرون الوسطى المظلمة Dark Medieval، هي حقبة تاريخية في تاريخ قارة أوروبا، تمتد لعشرة قرون _ من القرن الخامس 476 إلى القرن الخامس عشر 1492 ميلادياً. بدأت العصور الوسطى مع سقوط الإمبراطورية الرومانية، وامتدت حتى (عصر النهضة)، والذي تميز بتطورات نوعية في الثقافة الأوروبية، والاكتشافات الجغرافية، والثورة العلمية والصناعية، وعودة النزعه الإنسانية، ونشوء حركة الإصلاح الديني، مما آذن بطي الصفحة الأخيرة في أطوار العصور الوسطى المُظلمة.

من خلال الدراسات التاريخية ودراسة السمات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية على مدار عشرة قرون، ظهر مصطلح العصور الوسطى المظلمة، حيث تدنى مستوى التعليم والثقافة، وتدهور الوضع الاقتصادي، وتفشى مرض الطاعون والمجاعة الكبرى، واشتعال جذوة الحروب والصراعات، وسطوة الكنيسة، وخلط الخرافات والدجل بالدين. في المقابل، كانت الحياة أكثر إشراقاً على أصعدة أخرى من العالم، فقد كان المسلمون في الأندلس يتمتعون بثراء حضاري وثقافي، وارتقو في المجالات العلمية كالطب والهندسة والبصريات والرياضيات والفلك إلخ…. وفيما بعد انتقلت هذه العلوم والمعارف عن طريق أسبانيا إلى أوروبا. كما حافظت الإمبراطورية البيزنطية على ملامح كثيرة من حياة الإغريق والرومان الثرية.

مراحل العصور الوسطى

تنقسم حقبة العصور الوسطى إلى ثلاثة مخططات زمنية، مع اعتبار الحدود الفاصلة بينهما. المرحلة الأولى: تبدأ من القرن الخامس وحتى القرن الحادي عشر ميلادياً. ثم المرحلة الثانية: تبدأ من القرن الحادي عشر إلي القرن الثالث عشر ميلادياً. ثم المرحلة الثالثة والأخيرة: تبدأ من القرن الثالث عشر إلي القرن الخامس عشر ميلادياً، وهي المرحلة السابقة لعصر التنوير (النهضة).

الخط الزمني للعصور الوسطى
الخط الزمني للعصور الوسطى

1- العصور الوسطى المُبكِرة Early Middle Ages

تبدأ هذة المرحلة من القرن الخامس وحتى القرن الحادي عشر مع سقوط الإمبراطورية الرومانية عام 476 ميلادياً، والتي كانت تُسيطر على معظم أنحاء القارة الأوروبية. أصبحت الإمبراطورية الرومانية في أضعف حالاتها؛ تمكنت القبائل الجرمانية والإنجلو ساكسون والقوط، من مهاجمتها واقتطاع أجزاء من الامبراطورية، وإقامة ممالك جديدة. ولم يتبق من الحضارة الرومانية سوى بعض المدارس والأديرة والكاتدرائيات والقصور الملكية. كما اندثرت العلوم المأخوذة عن اليونانيين. ويُشار إلى هذه الفترة المبكرة بالعصور المظلمة الفعلية، حيث كانت أوروبا في أسوء حالاتها.

انقسم المجتمع الأوروبي إلى ثلاث طبقات: رجال الدين، وطبقة الإقطاعيين (مُلاك الأراضي)، وطبقة الفلاحين والعمال والعبيد. مارس الإقطاعيون أسوأ أشكال الظلم والتسلط على طبقة الفلاحين والعمال والعبيد.

استمر عصر الإقطاعية فترات طويلة، إلا أن تصدّر الكنيسة للمشهد بدأ يزداد مع بدء حملات التبشير بالمسيحية، أصبح لرجال الدين سيطرة ونفوذ على العامة والبسطاء، بسبب ما عانوه من الإقطاعيين من فقر وحرمان، ما دفع بهم إلى اللجوء إلى الكنيسة التي قدمت لهم المعونات، قبل أن تتحول الكنيسة من راعية للفلاحين والعمال، إلي مُطالِب للمال، والعمل داخل الأديرة وعلى الأراضي المملوكة الكنيسة. خاصة وأن الأوروبيين أصبحوا لا يدينون بالولاء لحاكم واحد، فيما بدأت مساوئ النظام الإقطاعي تتزايد، أخذ العامة يتّحدون في ظل الكنيسة، وكان رجال الدين يَنشطون في نشر الديانة المسيحية في كافة أرجاء أوروبا، فامتلكت الكنيسة الأراضي وجمعت الضرائب، وأنشأت المدارس الدينية والمستشفيات والأديرة.

في منتصف القرن الثامن، أُقيمت المملكة الكارولنجية، والتي نشأت في فرنسا على يد الملك “شارل مارتل”، إذ استطاع توحيد معظم القبائل والإقطاعيات، وضمها تحت لواء واحد، ثم أكمل إبنه “شارلمان” من بعده، لكن هذا الحكم لم يدم طويلاً، إذ اختلف أبناء شارلمان على أحقية كل منهم في وراثة العرش، مما ساهم في تشتت وتمزق المملكة.

في منتصف القرن العاشر، استحوذت الكنيسة على مساحات شاسعة من الأراضي، وامتلكت مخازن الغلال وطواحين الهواء، وتدفقت إليها الأموال من كل صوب، حتى أصبح البابا في روما أكثر ثراءً من ملوك أوروبا، وتم تنصيب بابا الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حاكماً على ملكوت الأرض، وأصبحت الأمور السياسية والدينية بيد البابا، ولم يجرأ أحد من الملوك على العصيان أو التمرد.

أوروبا في العصور الوسطى
أوروبا في العصور الوسطى

2- العصور الوسطى المتوسطة High Middle Ages

تبدأ هذة المرحلة من القرن الحادي عشر وحتى القرن الثالث عشر. تعاظم دور الكنيسة وأحكمت قبضتها على كافة نواحي الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية، وفرضت (صكوك الغفران).. على عامة الشعب، والذي كان وثيقة تُمنح من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية مقابل مبلغ مادي يدفعه العامة إلى الكنيسة، بزعم الغفران الكامل أو الجزئي عن الخطايا والذنوب ومباركة الكنيسة، وتختلف قيمه الصك باختلاف الذنوب المرتكبة. ما جلب للكنيسة أموالاً طائلة، وكان من لم يستطع دفع قيمة صك الغفران تُفرض عليه (ضريبة الدم) وهي القتال من أجل الصليب، حيث بدأ التحضير لشن حملات الحروب الصليبية ذات الطابع الديني في أواخر القرن الحادي عشر وحتى القرن الخامس عشر، اشتركت فيها معظم بلاد أوروبا المسيحية ضد ما اعتبرته تهديدات خارجية و داخلية. والتي اشتملت بحسبهم على احتلال المسلمين للإسبانيا (الأندلس في القرن الثامن ميلادياً)، وضد الوثنيين، والمغول، والأعداء السياسيين للباباوات.

احتلال الأندلس
احتلال الأندلس

توجهت الحملات الصليبية بالدرجة الأولى إلى بيزنطة والقدس. فكانت السبب الرئيسي في سقوط البيزنطيين بسبب الدمار الذي خلفته الحملة الأولى في بيزنطة (القسطنطينية) عاصمة الإمبراطورية البيزنطية. وقُدّر عدد القتلى في الحروب الصليبية نحو 2 إلى 3 مليون شخص.

وتُشير أقدم مخطوطة مسيحية إلى الرسول مُحمد في العام 634 م، بوصفه نبياً مزيفاً، تدعو تعاليمه إلى إراقة دماء البشر، وقتل المسيحيين، مشيرة إلى أنه لم يسبق أن أُرسل نبي من قبل “في يده سيف، ويعتلي عجلة حربية”. كان الوجود الإسلامي في الأرض المقدسة الأولى بدأ مع الفتح الإسلامي لفلسطين في القرن السابع ميلادي، ومع غزوات وحروب المسلمين، واضطهادات أخرى تعرض لها المسيحيون المشرقيون في مصر، و‌بلاد الشام و‌العراق، وهدم كنيسة القيامة في القدس بأمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، تحركت الحملة الصليبية في عام 1096 نحو الشرق، وأسفرت الحملة عن احتلال القدس عام 1099، وقيام مملكة القدس، بالإضافة إلى عدّة مناطق أخرى مثل انطاكية وطرابلس بالشام. ولعبت الصراعات بين الخلفاء المسلمين دوراً كبيراً في الهزائم التي تعرضوا لها، وباءت محاولات ردع الصليبيين بالفشل.

الحروب الصليبية
الحروب الصليبية

3- العصور الوسطى المتأخرة Late Middle Ages

تبدأ هذة المرحلة من القرن الثالث عشر وحتى نهاية القرن الخامس عشر ميلادياً. وسميت هذه المرحلة باسم (العصور الوسطى الراقية)؛ نظراً لأنها شهدت تحرر الفكر والعلوم من أغلال الحكم الكنسي، بخطى حذرة خوفاً من بطش (محاكم التفتيش) آنذاك.. وهي محاكم دينية نُصبت بأمر الكنيسة، بهدف ردع المهرطقين، والملحدين، والمفكرين، وكانت تحارب العلوم والاكتشافات الحديثة، بحجة تعارضها مع اللاهوت، وباعتبارها ضرب من ضروب السحر والشياطين.

خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، حدَث توسع وامتداد عمراني وسكني كبير، حيث ازداد عدد سكان أوروبا من 35 إلى 80 مليون نسمة، توسعت أعداد المدن بشكل كبير، وأُنشئت مراكز عمرانية جديدة. وترجع الزيادة السكانية، بحسب المؤرخين، إلى التقنيات الزراعية المُحسّنة، والمناخ الأكثر ملائمة. وكان 90% من السكان الأوروبيين، من الفلاحين الريفيين في مجتمعات صغيرة. كما ساهم وضع أراضي جديدة للزراعة، وتقديم حوافز للفلاحين في توسع عدد السكان. وكانت النساء في العصور الوسطى تابعات رسمياً للذكور، وكان عمل المرأة ينحصر بين أعمال المنزل ورعاية الأطفال، والبستنة وتربية الحيوانات والغزل وتعتيق الخمور. وكان الدور الوحيد المتاح للنساء في الكنيسة هو دور الراهبات، حيث لم يكن بإمكانهن أن يصبحن من الكهنة.

انتشر اليهود في أوروبا في ألمانيا وانجلترا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، خضع اليهود إلى الحكم المسيحي، وتعرضوا للضغط للتحول إلى المسيحية. وكان معظم اليهود محصورين في المدن، حيث لم يكن مسموحاً لهم بامتلاك الأراضي. بالإضافة إلى اليهود، كان هناك أقليات أخرى في أوروبا (وثنيون في شرق أوروبا، ومسلمون في جنوب أوروبا).

في يوليو 1187 وقعت معركة حطين. حيث انتصر فيها صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر والشام. واحتل القدس في أكتوبر 1187، الأمر الذي دفع بالبابا غريغوري الثامن بالدعوة إلى الحملة الصليبية الجديدة بهدف استرداد القدس. قاد الجيوش الصليبية ملك فرنسا فيليب الثاني أغسطس، و‌ريتشارد “قلب الأسد” ملك إنجلترا، وملك ألمانيا فريدريك برباروسا. وفي الطريق، عمل ريتشارد الأول على توسيع نفوذه في صقلية مما وتّر العلاقات مع الملك الفرنسي واضعف التحالف بينهما. قام الصليبيون بحصار عكا فاستسلم المسلمون في يونيو 1191، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد في عكا. بعدها باءت محاولاته لاحتلال مدن أخرى بالفشل، وفي عام 1192، عقد ريتشارد الصلح مع صلاح الدين الأيوبي، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور إلى يافا، وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار المسيحيين بزيارة مدينة القدس والأماكن المقدسة.

المجاعة الكبرى والطاعون (الموت الأسود) في العصور الوسطى

في عام 1315 خيمت على أوروبا موجات صقيع شديدة البرودة، أتت على الإنسان والحيوان والمحاصيل الزراعية، استمر الصقيع لسنوات عدة، ما نتج عما عرف باسم (المجاعة الكبرى). وأدى تدني مستوى الصحة والنظافة، إلي تفشي الأمراض والأوبئة الناتجة عن التلوث بين مختلف طبقات المجتمع مثل التيفويد والحمى الصفراء والأنيميا، حتى واجهت أوروبا أخطر وأشد الأمراض المعدية فتكاً وهو الطاعون (الموت الأسود)، انتقل الوباء عن طريق طفيليات في الجرذان المتسللة عبر الرحلات التجارية مع بلاد الشرق وتحديداً الصين، وكان الطاعون ينتشر بصورة مخيفة وقضى على حياة 35 مليون نسمة (ثلث سكان أوروبا آنذاك)، خلال أقل من عشر سنوات.

الطاعون في العصور الوسطى
الطاعون في العصور الوسطى

حرب المئة عام في العصور الوسطى

بين عام 1337 إلى 1453 ميلادي، وقعت حرب المئة عام، وهي سلسلة حروب نشبت بين بريطانيا وفرنسا، بسبب الخلاف على أحقية كل منهما على عرش فرنسا، وانتهت بانتصار فرنسا، التي تفوقت بضعفي ما لدى بريطانيا في عدد الجنود والإمدادات والإمكانيات المالية، كما لعبت ثورة الفلاحين في إنجلترا عام 1381 دوراً في هزيمة بريطانيا. فقدت إنجلترا كل أراضيها في قارة أوروبا ماعدا كاليه، فيما استولى الفرنسيون عليها بعد ذلك عام 1558. أضعفت الحرب سُلطات النبلاء، في المقابل زادت سُلطات الحكومة المركزية في كلا البلدين. كما تزامن مع الحرب انهيار عصر الإقطاعية، وظهور تكتيكات عسكرية أوروبية جديدة.

حرب المئة عام
حرب المئة عام

محاكم التفتيش في العصور الوسطى

أُسست محاكم التفتيش بأمر من الكنيسة بين القرن الثالث عشر والقرن الخامس عشر ميلادياً، والتي بدأت في الأصل بمحاربة المشعوذين والدجالين، فكانت تُصدِر عليهم الأحكام بالموت شنقاً وغرقاً، ومع تنامي سُلطات الكنيسة؛ توسع نطاق الاتهامات ليشمل كل من يعارض الفكر الكنسي واللاهوت، أو الإلحاد، أو الحض على التحرر أو الثورة أو التمرد على النظام، وكان يحق لمحاكم التفتيش أن تطلق لقب مُهرطِق أو مُجدِف أو مُبتدِع على أي شخص تتشكك في إيمانه أو انحراف عقيدته عن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية، وكان الإيمان بالسحر والدجل منتشراً على نطاق واسع، وبحلول أواخر القرن الخامس عشر، بدأت الكنيسة في قتل كل من تشكك في ممارسته للسحر وشمل ذلك العلماء أيضاً، فيما أُطلق عليه (مطرقة السحرة).

تفنن رجال الكنيسة في ابتكار وسائل القتل والتعذيب التي تحقق أكبر قدر من الترهيب والردع، فكانت الأبشع والأفظع على مر العصور، مثل الحرق، والشق بالمنشار، والجلوس على الخازوق، والسلخ حياً، وترك الجثة في العراء لتأكلها الضواري والطيور.

محاكم التفتيش
محاكم التفتيش

نهاية العصور الوسطى

شهدت نهاية العصور الوسطى نهايتين أخرتين، الأولى: نهاية حرب المائة عام بين فرنسا وإنجلترا بانتصار فرنسا. الثانية: نهاية الدولة البيزنطية في الشرق، بسقوط عاصمتها القسطنطينية (تركيا)، في أيدي المسلمين.

حتى مرحلة لاحقة عرفت باسم (عصر النهضة) أو عصر التنوير، انتشرت المعرفة وفُتحت الأبواب أمام الأدباء والفلاسفة والمفكرين، وتراجعت نسبة الأمية وازداد طلب العِلم، وشيدت المدارس والجامعات، لتنطلق أوروبا منها نحو التقدم والإنسانية واحترام الحقوق الفردية، وتكفيل حرية الفكر والاعتقاد.

الجانب الديني والإصلاح البروتستانتي

كانت الكنيسة في العصور الوسطى مؤسسة سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث خرجت عن سياق العبادة والطقوس، وأصبحت مؤسسة مالية بيروقراطية، وتورطت الكنيسة الكاثوليكية في مزج المدنس البشري profane بالمقدس الإلهي.divine  ما جعل الكنيسة عقبة أمام الإصلاح، حتى ظهرت حركة الإصلاح الديني البروتستانتي.

ظهرت جوانب جديدة في النظرة إلى العالم والوجود وعمقت في مستويات الوعي الإنساني، فعوضاً عن الموقف السائد الذي رأى العالم كلاً متكاملاً يسوده الانسجام، حلت مقاربات بديلة تنزع إلى استيعاب الواقع وتمثله في حيثياته المعقدة، في افتقاد الإنسان لمكانته المركزية، وأصبحت الصراعات بين الفكر الروحي والمادي مهيئة لحالات متباينة من التقبل.

كان البابا جوليوس الثاني 1443-1513 السبب الرئيسي في إشعال شرارة الحركة البروتستانتية، عُرف جوليوس الثاني في أوروبا بالبابا المخيف، حيث كان يبيع صكوك الغفران حتى للأطفال، وتورط في المحسوبية، إذ عَيّن أقاربه في مناصب رفيعة وتصرف كمَلِك على أوروبا. فأصبحت الأمور أكثر حدة، ونشأت قناعات واسعة في أوروبا، أن إصلاح الكنيسة بات ضرورة مُلِحة لإعادة تنظيم أدوار الكنيسة، وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، وتم تحديد عمل ومهام الكنيسة، كمؤسسة دينية ينحصر دورها في العلاقة بين الإنسان وربه فقط. لكن هذه القناعات الجديدة، باءت محاولاتها بالفشل بسبب عوائق كثيرة. حيث كان النبلاء في أوروبا يديرون الكنيسة والسُلطة السياسية، فكانت سُلطة الكنيسة تتراوح بين رجال الدين النبلاء (secular   clergies) الذين كانوا وسطاء بين الناس والكنيسة، على خلاف رجال الدين النظاميين (regular clergies) الذين عاشوا في الظل. وكان السبب المباشر لمارتن لوثر (1483-1546) في نشره للمانيفيستو البروتستانتي.

الشعوب الأوروبية، كانت ترى بوضوح هذا الواقع الأليم، يراقبون تفشي الفساد في الكنيسة، الذي تم تجريده أحياناً بشكل ساخر بلوحات فنية رمزية تُظهر الكنيسة ورجالها يأكلون من لحم الأموات، في إشارة إلى صكوك الغفران.

صكوك الغفران
صكوك الغفران

وفي عهد البابا مارتن الخامس أصدرت الكنيسة رسائل رسمية إلى ممالك وحكومات أوروبا. حتى تم تفويض السلطة بمرسوم بابوي في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، إلى الحكام المدنيين. وفشلت مساعي المسيحيين الإنسانيين Christian Humanist أتباع المدرسة الإنسانية التي ظهرت في إيطاليا في القرن الثاني عشر مثل أراسموس ويوهان روخلين، حيث رأو أن مشكلة الكنيسة لم تكن في الأصولية الدينية أو الفكرية، إنما إقتصادية وسياسية. وقام أراسموس بترجمة الكتاب المقدس من الإغريقية إلى اللاتينية، بغرض نشر الإنجيل للعامة، ليُبين لهم تعاليمه وجوهره، كنقد صريح لرجال الكنيسة وفسادهم، على أن ما يقومون به يخالف نصوص الإنجيل المُتسامحة. لكن الكتابات التي صدرت من أراسموس وغيره، لم تجدي نفعاً في إصلاح الكنيسة. وتفرعت البروتستانتية إلى مذاهب متعددة، وإلى رواد اختلفت مشاربهم وتوجهاتهم.

تعددت مبادئ حركة الإصلاح البروتيستانتي، ومنها:

  • الكتاب المقدس يكفي وحده scripture alone
  • الحق لكل فرد في قراءة الكتاب المقدس.
  • أن الكتاب هو المصدر الوحيد للمعرفة المختصة بأمور الإيمان.
  • رفض السلطة التعليمية في الكنيسة الكاثوليكية، والتي تنيط بالبابا القول الفصل فيما يتعلق بتفسير الكتاب المقدس معتبراً أن لكل إمرئ الحق في التفسير.
  • الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هدية مجانية ونعمة الله من خلال الإيمان بيسوع المسيح مخلصاً.
  • عدم الإعتراف بسلطة البابا ورجال الكنيسة.
  • إجازة الزواج للقساوسة باعتبار أن تحريمه لم يأت ذكره في الكتاب المقدس.

الاقتصاد والتجارة

أدى نهوض المدن ذات الحكم الذاتي إلى انتعاش النمو الاقتصادي، وخلق روابط وعلاقات تجارية في شمال ووسط إيطاليا، وفي الفلمنك. وعقد اتفاقيات معروفة باسم الرابطة الهانزية في جميع أنحاء البحر المتوسط. وظهرت طبقة اجتماعية جديدة من التجار والعمال الذين هجروا المزارع والحقول في الريف الأوروبي، واتجهوا صوب المدن والموانئ للعمل بالتجارة وتداول الأموال، فحجزت لنفسها مكاناً متميزاً بين النبلاء والفقراء، فظهرت الطبقة الوسطى.

وتم إنشاء المعارض التجارية الكبرى وازدهرت في شمال فرنسا. مما سمح للتجار الإيطاليين والألمان والتجار المحليين بالتبادل التجاري مع بعضهم البعض. في أواخر القرن الثالث عشر كانت الطرق البرية والبحرية الجديدة إلى الشرق الأقصى نقطة فارقة ورائدة، إلى جانب الفرص التجارية الجديدة والتحسينات الزراعية والتقنية التي ساهمت في زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية. تم سك النقود الذهبية مرة أخرى في أوروبا. ظهرت أشكال جديدة من العقود التجارية، مما سمح بتوزيع المخاطر التجارية من فقد وتلف بين التجار. وتحسنت أساليب المحاسبة من خلال استخدام مسك الدفاتر المزدوجة القيد، ظهرت خطابات الاعتماد أيضاً مما أتاح سهولة نقل الأموال.

الاقتصاد في العصور الوسطى
الاقتصاد في العصور الوسطى

المخطط الزمني Timeline للعصور الوسطى

476 – سقوط الإمبراطورية الرومانية. حكمت روما معظم أوروبا. حاول الملوك والحكام المحليون الاستيلاء على السلطة. هذه هي بداية العصور المظلمة أو العصور الوسطى.
481 – كلوفيس Clovis يصبح ملك الفرنجة. قام كلوفيس بتوحيد معظم قبائل الفرنجة التي كانت جزءًا من مقاطعة الغال الرومانية.
570 – وُلد مُحمد رسول الإسلام.
732 – معركة تورز. الفرنجة يهزمون المسلمين وتقهقر الإسلام في أوروبا.
800 – تُوِج شارلمان Charlemagne، ملك الفرنجة، الإمبراطور الروماني المقدس. وحد شارلمان كثيرًا من أوروبا الغربية ويعتبر أبا روحياً لكل من الملكتين الفرنسية والألمانية.
835 – بدأ الفايكنج من الأراضي الاسكندنافية (الدنمارك والنرويج والسويد) بغزو شمال أوروبا. وحتى 1042.
896 – ألفريد العظيم Alfred، ملك إنجلترا، يدحر غزاة الفايكنج.
1066 – وليام نورماندي William of Normandy، دوق فرنسا، يغزو إنجلترا في معركة هاستينغز. أصبح ملك إنجلترا وغير البلاد إلى الأبد.
1096 – بداية الحملة الصليبية الأولى. بدأت الحروب الصليبية حروبًا بين الإمبراطورية الرومانية المقدسة والمسلمين على الأرض المقدسة. والعديد من الحملات الصليبية على مدى 200 عام.
1189 – ريتشارد الأول Richard I (ريتشارد قلب الأسد)، يصبح ملك إنجلترا.
1206 – تأسست الإمبراطورية المغولية على يد جنكيز خان.
1215 – ملك انكلترا جون John يوقع وثيقة ماجنا كارتا. أعطت هذه الوثيقة للناس بعض الحقوق، وأن الملك ليس فوق القانون.
1271 – يغادر ماركو بولو Marco Polo في رحلته الشهيرة لاستكشاف آسيا.
1337 – بدأت حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا للسيطرة على العرش الفرنسي.
1347 – الطاعون (الموت الأسود) يبدأ في أوروبا. هذا المرض الرهيب أود بحياة نحو نصف الناس في أوروبا.
1444 – المخترع الألماني يوهانس غوتنبرغ يخترع المطبعة. هذا يشير إلى بداية النهضة.
1453 – استولت الإمبراطورية العثمانية على مدينة القسطنطينية. هذا يشير إلى نهاية الإمبراطورية الرومانية الشرقية المعروفة أيضًا باسم بيزنطة.
1482 – ليوناردو دا فنشي يرسم لوحة “العشاء الأخير“.

شاهد أيضاً

السيرة الذاتية لجلال الدين الرومي

moabusharaf

لماذا لم يمر الإسلام بعصر التنوير؟

moabusharaf

موقف الأديان من المثلية الجنسية

moabusharaf

اكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية